الفاضل الصالح الوقور:
هو الفاضل الماجد الصالح الوقور: الشيخ يوسف بن الشيخ يعقوب بن الشيخ سيدي باب، ولد أواخر سنة 1933م، في ضواحي بتمبصكيت، تربى في حضن والده الشيخ يعقوب
الذي غرس فيه مكارم الأخلاق، ومعالي الأمور، فنشأ تنشئة صالحة، وتربى تربية روحية مهذبة.
أحبه أبوه محبة زائدة، فقرّبه وأدناه، وأكرم محلّه وأجلّ مثواه، وخصَّهُ واصطفاه، واجتهد الولد في رضاه عنه، فتم له ما أراد، ونال المنى والمراد.
ولما ترعرع الشيخ يوسف درَّسه أبوه على المقرئ أحمدُّ بن محمدُّ الحجاجي، فحفظ عليه القرآن الكريم، كما أخذ عنه بعض المتون.
ولما شب عن الطوق واستوى على سوقه، وانفسحت أمامه مجالات الحياة رحبة فسيحة، تخيل فيه أبوه لوائح النجابة والفطنة، فندبه للمهمات، وهيأه للمدلهمات، فسعى في المصالح العامة، وتدخل في مناسبات عديدة، وبذل جهودا كبيرة، فحقق الله على يديه الوفاق والإصلاح.
يُعد الشيخ يوسف من أبرز الشخصيات الاجتماعية، حيث تميز بمكانة مرموقة بين القبائل والعائلات، نظرًا لما يتحلى به من حكمة، وبعد رؤى، وحصافة رأي، وكرم، وسعة صدر، وكان يُشار إليه بالبنان في المجالس العامة والخاصة، ويُستشار في القضايا الكبرى التي تمس المجتمع، سواء كانت خلافات قبلية، أو مصالح عامة.
أقام عند قرية المزمزم مدة، حيث يقطن عمه الشيخ إبراهيم بن الشيخ سيدي باب، فكانت له لديه الْمنزلَة الرفيعة، والمرتبة الْعَالِية المنيعة، والمقام الأسنى.

يعتبر الشيخ يوسف أحد الأعيان الأماجد، والشيوخ الأفاضل، ذو الفضل الكامل، والجود الشامل، والمحاسن الوافرة، والمفاخر المتكاثرة، والعقل الرصين، والدين المتين، صاحب سكينة، وسمت حسن، وطريقة حميدة:
دَيِّنٌ خَيِّرٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ ذو *** عَفَافٍ بَرٌّ صَبُورٌ شَكُورُ
كَاظِمٌ رَاحِمٌ شرِيْفٌ عَطُوفٌ *** بين عَيْنَيهِ للدِّيَانَةِ نُوْرُ
كُلُّ شيءٍ يَسْتَكْثِرُ النَّاسُ في الدُّ *** نْيا قَليْل في نَاظِريه يَسَيْرُ
صَائِمٌ قَائمٌ إذا جَنَّ ليَلٌ *** ذَاكِرٌ رَبَّهُ حَييٌّ وَقُورُ
كان رحمه الله كثير البِرِّ، كبير الجاه، قديم النَّجابة، دمث الأخلاق، لطيف المعاشرة، طيب المجالسة، عالي الهمة، قوي الجأش، طارحاً للتكلّف، أبعد النَّاس غَضبا، وأسرعهم رضا، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم وتوجيه وإرشاد.
اشتهر بمواساة الفقراء والضعفاء والمحتاجين، وإغاثة الملهوفين، والصبر على إطعام الطَّعَام، وإكرام الأنام، وصلة الأرحام، وصار بيته مقصودا بالتوجه إليه والاجتماع عنده من الفضلاء وغيرهم لكثرة تودده، وحسن ائتلافه وعشرته.
توفي رحمه الله يوم الأربعاء 28 سبتمبر 2012م، ودفن بالبعلاتية، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته، وحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأحله دار المقامة من فضله، وأشمله بمغفرته ورضوانه:
أَمْسَى ضريحك موطن الغفران *** وَمحل وَفد ملائك الرحمان
حَيا الْمُهَيْمِن مِنْك روحا مذ علت *** حييت بِذَاكَ الرّوح وَالريحَان
وتبوأت غرف الْجنان وجوزيت *** فِيهَا على الْإِحْسَان بِالْإِحْسَانِ.